كانت الفلسفة اليونانية الوثنية معروفة في الدولة الرومية والأقاليم الخاضعة لها، كـبلاد الشام ومصر، وقد فتح المسلمون هذه البلاد، ودخل أهلها في الإسلام، وبقي لدى بعضهم شيء من رواسبها عن جهل أو قصد.
والفلسفات اليونانية اتجاهات مختلفة، يجمعها جميعاً القول على الله بغير علم، والخوض فيما لا تبلغه العقول، وقد كان فلاسفة اليونان، أمثال ( أفلاطون وأرسطو ) وثنيين، بعيدين عن هدي الأنبياء.
وقد لقيت رواسب الفلسفة اليونانية رواجاً عند الجهال المبتدعة، مثل: الجعد بن درهم، أول من أظهر إنكار الصفات، وتلميذه: الجهم بن صفوان، مؤسس الجهمية، وواصل بن عطاء، مؤسس الاعتزال.
ثم ظهرت المعتزلة، فتوسعوا في نقل الفلسفة اليونانية والمنطق اليوناني، وأعرضوا عن منهج الكتاب والسنة في عرض العقيدة والاستدلال عليها، والدفاع عنها، ووضعوا قواعد ما سمي (علم الكلام).
ولما كان عصر المأمون أنشأ داراً للترجمة، واستورد كثيراً من كتب الفلسفة واعتنق هو بدعة القول بخلق القرآن، وقرب المعتزلة وغيرهم، فعظمت الفتنة، وانتشر الجدال في الدين.
ومنذ ذلك الزمن أخذت بدعة الكلام تروج، وتتسرب إلى العلوم الأخرى، حتى أصبح في العصور الأخيرة يسمى علم التوحيد!
وقد وقف له أهل السنة والجماعة بالمرصاد، وأعظم من نقضه ونسف أصوله وقواعده، شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وفي عصرنا الحاضر يتعرض علم الكلام للانهيار نتيجة عاملين مهمين:
الأول: انهيار الفلسفة التي قام عليها رأي الفلسفة اليونانية، حيث أثبت العلم الحديث بطلان أكثر ما قررته من أمور، وأصبح الغربيون أنفسهم لا يذكرون أفلاطون وأرسطو وأمثالهما، إلا على سبيل التاريخ.
الثاني: الصحوة الإسلامية المعاصرة التي اتجهت في غالبها وجهة سلفية.
ومع ذلك لا تزال بعض المؤسسات العلمية التقليدية في العالم الإسلامي مصرة على تدريسه، متمسكة بمنهجه.